L'Algérie de plus près

ولاية سعيدة قبلة للسياحة الحموية بامتياز… ملاذ لمحبي الآثار وعشاق الطبيعة

بقلم براهيمي محمد زكريا

إذا قادتك الأقدار يوما لمهمة عمل او زيارة سياحية  لولاية سعيدة وقررت أن تقوم برحلة استكشافية تصفي بها ذهنك ونفسيتك من ضغوطات العمل وصخب الحياة  فندعوك لضبط ساعتك ليس على توقيت غرينتش أو التوقيت المحلي بل على ساعة شمسية متواجدة  بوسط مدينة سعيدة والتي تعتبر من أقدم الساعات لمعرفة الوقت على مستوى القارة الإفريقية، إذ تعود إلى الحقبة الاستعمارية، وتم إنجازها من طرف العساكر « لاليجيون » الذين نزلوا بسعيدة سنة 1935م، بمبادرة العمدة آنذاك، ريم مارسال سنة 1935، وإشراف النقيب الفلكي كرافت هالماكير… وأنت تقف أمامها متأملا ستلبسك الذهول ويعتريك الفضول معا للتصميم الفريد الذي تحتويه هذه التحفة التاريخية والتي تتربع على مساحة 9 أمتار ذات أربع أوجه تتضمن معلومات علمية من بينها بعد الأرض عن الشمس، وجدول لتصحيح الوقت الحقيقي والوقت المحلي. للحظة ذاتها الفضول لازال يكتنفك لمعرفة التوقيت النهاري فتجد الجواب من الخطوط المرسومة على الجدار بإحكام ونقاط مرسومة على الواجهة الجنوبية، مشكلة لزاوية قائمة مع سطح الساعة، لتعين الوقت الناتج من وقوع أشعة الشمس عليها، حيث تترك ظلا متحركا على النقاط والخطوط وظلها هو العامل الأساسي في تحديد الوقت

 وبعد عودتك من رحلة تاريخية عبر الزمن ندعوك لتحويل بوصلة استكشافك صوب غابة العقبان إن كنت حقا من عشاق الطبيعة والهدوء المصاحب للسكينة، غابة أقل ما يقال عنها متنفسا بدرجة الاولى للعائلات وحتى من الافراد الراغبين في الاستجمام والمولعين بالسياحة الغابية ومحبي اصوات المنابع وخرير المياه مرفقة بأصوات العصافير، تشعر من الوهلة الاولى وكان ريشة من الجنان لمست المكان مخلفة ديكورا طبيعيا مبهرا تأخذك الى لحظات من الراحة النفسية والى جو من السكينة تنسى بها ضغوط الحياة ومشاكلك اليومية

غابة سعيدة القديمة كما يفضل بعض اهل المدينة تسميتها ليست بالبعيدة عن وسط المدينة، حيث يجد الزوار راحتهم في هذا الموقع لاحتوائه مناظر خلابة ناهيك عن الجو المنعش الذي يخيم على المكان طيلة ايام السنة، كما تشعرك هذه الغابة لأول وهلة وكأنك تقف على مشاهدة لوحة فنية تمتزج فيها مرتفعات الجبال العالية بمنحدرات تتدفق معها مياه الأودية التي يطرب خريرها آذان الزوار، وتعتبر منابع من المزارات الأكثر الشهرة في الغابة ، فهي تحظى بشعبية واسعة، حيث تتدفق المياه من داخل صخور ما جعل منها لوحة فنية في غاية الجمال،  عيون مياه أينما وجدتها فتراها  تمنح المكان روحا وحياة، كما يمدك الصوت المنادي من عيون المنابع الشعور بعظمة الحياة التي لا استمرارية لها إلا بهذا الماء المنعش. وتعتبر المقصد الاول للهروب من ضجيج المدينة والاستمتاع بمناظر الطبيعية الخضراء واصوات المنابع التي شكلت لوحة فنية لأجمل شلالات العالم، لتنافس بجمالها أجمل شلال في العالم، وحتى الشباب الرياضيين منهم يجدون ضالتهم في هذه الغابة الجميلة لممارسة نشاطهم الرياضي من جري ورياضة كمال الاجسام مستعينين بأدوات طبيعية بسيطة، الا ان هذا كله ليس مانعا للبعض منهم في اغتنام فرصة لأخذ صور تذكارية في إطار طبيعي عذري تمتزج فيه الخضرة مع زرقة السماء

 بعد هذه الجولة الغابية الممتعة تشعر كأن جسمك قد ناله قدرا من العياء والتعب جراء عناء الاستكشاف المستحق فندعوك للتوجه للجهة الشمالية للولاية أين تتواجد بها حمامات معدنية على غرار « حمام ربي » موطن مثالي وقبلة للاستجمام والدعة لطرد العياء   بحمام ساخن يسكن العضلات الجسم إسترخاءا أين يعود أصل إنشاء « حمام ربي » للحقبة الفرنسية وسماه إلياس دغباج « حمام الربيع ». ولأن الحرف « ع » لا ينطق بالفرنسية، سمي بـ«حمام ربي » بدل الربيع. وهو الآن من أكبر الحمامات المعدنية ويستقطب مئات الزوار يوميا من مختلف ولايات الوطن، إضافة إلى احتوائه على محطة حموية لمعالجة أمراض الروماتيزم، وهو ما يستهوي كبار السن من المواطنين

تفوق طاقة استيعابه الـ120 شخصا، وبه نزل من الدرجة الثالثة يستقطب أكبر عدد من الزوار لأنه يتوفر على فندق وبعض الخدمات المميزة، وغير بعيد عن الحمام المذكور آنفا يتواجد « حمام سيدي عيسى » الواقع على مستوى الطريق الوطني رقم 06 الرابط بين ولايتي سعيدة ومعسكر، ويعد « حمام سيدي عيسى » مكانا ساحرا وخلابا تخرج منه المياه الساخنة المشبعة بالماغنسيوم والكالسيوم والفسفور ومختلف الأملاح المعدنية، ويتربع على مساحة محاطة بغابات الصنوبر الحلبي وبعض أشجار « الكاليتوس » التي تعطي للمكان رونقا وجمالا، فلو شعرت ان نفسيتك انصهرت مع روعة الحمامات وقالت هل من مزيد فندعوك لزيارة « حمام عين السخونة » الذي تشتهر منابعه بالعلاج بالطين الذي يعد مفيدا لعلاج بعض الأمراض الجلدية، كالصدفية والبهاق والأكزيما، وكذا للصناعات التجميلية لأنه غني بالأملاح المعدنية، لاسيما البشرة الحساسة

 هكذا تكون قد حققت الصفاء الذهني وصنعت لنفسك جوا من السلام الداخلي ليوم سياحي مميز نزعت به شوائب ضغوطات العمل، تجدد به طاقتك بعد هذه الرحلة الاستكشافية، وتكون بذلك طبيعة سعيدة يد في تعديل المزاج وتقويمه، بعيدا عن الضوضاء وضجيج المدينة وبعيدا عن صخب الحياة فسعيدة ليست بعيدة في حساب المسافات لكنها ستبقى قريبة للقلوب حنينا لكل من زارها

ب. م. ز

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *