L'Algérie de plus près

« ريحة رمضان »


عادة ما يتداول الجزائريون عبارة « ريحة رمضان » عقب شهر رمضان، وخلاله في إشارة إلى علامات قدومه وميزات أيامه عن باقي أيام السنة، يوميات رمضان التي يعيشها الجزائري بكثير من القيم والطقوس الإحتفالية و العادات المتوارثة، عادات تحاول الجدات وكبير الدار أن يحافظ عليها في شهر عظيم لا يتكرر على الأسر إلا مرة في السنة.
إذ يحظى الشهر الفضيل في الجزائر بأجواء تحضيرية إحتفالية مميزة، فتجد المرأة تنظف منزلها، أوانيها وأفرشتها، ويشتري من تيسر حالهم لوازم جديدة يستقبلون بها الشهر المبار، فتجد محلات وسط مدينة الشلف ممتلئة عن آخرها باللوازم والزبائن المهتمين بالتجديد، بالإضافة إلى شراء المقتنيات الضرورية بالشهر من تمور وتوابل…
كما يجمع رمضان في فرحته بين العبادة والمتعة و الترفيه، فهو فرصة سانحة لإجتماع أفراد العائلة للإفطار على المائدة بشكل جماعي، وكسر الصيام بالتمر والحليب، ثم أداء صلاة المغرب جماعة لمن تعذر عليه الذهاب للمسجد، ثم العودة مجددا إلى المائدة لاستكمال عشاء الإفطار.
و لعل ما يميزها حضور الشربة أو الحريرة مع الكسرة بالإضافة إلى البوراك الذي لا يغيب عن المائدة الجزائرية عموما. أما عن عادات أهل الجنوب، فتضم طاولة إفطارهم إعداد طبق الكسكسي بالقديد، وتعقبها سهرة عائلية يكون فيها الشاي المحظر على الجمر سيد السهرة .
اذا كان النهار الرمضاني الطويل قليل الحركة ويسود السكون في الشوارع، وذلك لأسباب منها إلتزام البيوت بسبب الصيام، والإعتكاف لقراءة القرآن وتحضير طاولة الافطار، فإن ليالي رمضان تنقشع معها تلك غيمة الصباح لتستعيد المدن حياتها، حيث تشهد حركية ونشاطا غير معهود على عكس باقي أشهر السنة.
من ضمن ما تعود الجزائري على فعله في رمضان، صلاة التراويح بالنسبة لفئات واسعة من الرجال، الزيارات العائلية، الخروج في سهرات رمضانية يختلف طابعها وخياراتها من منطقة لأخرى، ففي مدينة الشلف تحرص المؤسسات الثقافية بما فيها المكتبة العمومية للمطالعة، المتحف العمومي الوطني، وكذا دار الثقافة على تسطير برنامج ترفيهي وفني متنوع على مدار الشهر بما يتناسب كل الشرائح والفئات ابتداء من عاشرة كل يوم إلى منتصف الليل تقريبا.
أما « شباح السهرة » في اليوميات الرمضانية الجزائرية، فهي الحلويات الرمضانية التي تستهوي الكبير قبل الصغير رغم النصائح الطبية بالتقليل تتناول السكريات خلال هذا الشهر، في مقدمتها « قلب اللوز »، « الزلابية »، « السيڨار »، « البقلاوة بأنواعها » و « الصامصة »، مصحوبة بمختلف المشروبات المنزلية والمشتراة، مثل الشاي والشاربات، ما يعطي لجلسات رمضان « بنة » خاصة بها تميزها عن سهرات باقي العام.
ختاما، لا يمكن الحديث عن رمضان دون استذكار عادات جداتنا في لعبة ترفيهية قديمة يتغنين بها، لعبة تُستحضر فيها الأشعار للتفاؤل بالحظ الجيد، وأُطلق عليها إسم » البوقالات »، تضم هذه اللعبة قصاصات لعبارات موزونة و مقفاة، تحمل بين حروفها آمال النسوة و أحلامهن وخبايا نفوسهن و أسرارهن، فيقرأ لكل امرأة فألها ويطلب من البقية « أعقد وأنوي »، من ضمن البطولات التي تستحضرنا في هذا المقام، واحدة تقول: « دارنا في جبل مقابل مكة مفتاحها من ذهب يشعل ما يطفى ».
أما بالنسبة للرجال، ف « بنة رمضان » لا تنتهي بصلاة التراويح، بل بسهرة رجالية في المقاهي الشعبية لاحتساء القهوة ولقاء الأصدقاء لتبادل أطراف الحديث أو الاجتماع حول طاولة « الدومينو »، و ذلك لتعويض أيام من البعد والفراق واستذكار رمضانيات سابقة، تماما كما يفعل خالي محمد « مدمن القهوة » الذي يسارع إلى حجز مكانه بالمقهى في ظل تهافت الشباب و الكهول إليها، حيث يصبح أمر جلوس أقرانه و حصولهم على مقعد قبله مستحيلا.
أما سهرة ليلة القدر أو « ليلة السابع والعشرين »، فهي سهرة فريدة من نوعها، حيث يجتمع حفظة القرآن من أطفال وشباب لإقامة مسابقات دينية مختلفة يتسابقون فيها بأجواء حماسية تبعث على الأمل في أنفس طيبة، مثل مسابقة الأسئلة الدينية أو مسابقة حفظ القرآن الكريم ليتم في نهايتها تكريم المشاركين وتحفيز الصغار على حفظ كتاب الله.
بسملة جلطي بن زيان

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *