تعلن مؤسسة صحف الشلف عن أول عمل مترجم من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية المتمثل في كتاب ابن الفلاح للدكتور تامي مجبر الصادر سنة 1961 في فرنسا, والذي سيعرض في الطبعة 27 من الصالون الدولي للكتاب سيلا
يمثل النص الاتي مقطع مترجم من الكتاب
« سيدي عابد » قديس يتم إحياء ذكراه من قبل سكان منطقة المرجة. يشكل أحفاده القبيلة التي تنظم الوعدة، مرة في السنة، وبشكل عام في الخريف (عندما يبيع الفلاح محصوله من القمح والكرّام عنبه) وذلك للإحتفاء بقداسة سلفه الشهير. إذا كان أحفاد سيدي عابد متجمعين في منطقة المرجة وفي قبيلة العكارمة، في المقابل أتباعه الكثر منتشرون عبر مدن وقرى الجهات الأصلية الأربعة. يوجد منهم حتى في النواحي القسطينية.
يقع ضريح هذا الولي الصالح على حافة الطريق الوطني الذي يربط وهران بالجزائر العاصمة، بين قرية « عين كرمان » ومحطة المرجة، على بعد ثلاث كيلومترات من هذه الأخيرة. وهو عبارة عن مزار أبيض اللون تعلوه قبة خضراء تستند إلى ربوة تطل على سهل الشليف على مدى البصر. هنا، أمامها، يمر الطريق الوطني بينما على بعد ثلاث مائة متر من الأعلى يتلألأ الشريطان الفولاذيان للسكة الحديدية، معلّما بأعمدة تليغرافية. خلف السكة، تمتد طبقة مائية فسيحة يشكلها قصب المستنقعات، يحدها من الجهة الأخرى نهر الشليف الذي تغطيه أشجار على الضفاف. بحيث يمكننا بسهولة رؤية سكنات دوار اولاد زيان المنتشرة. وما دون ذلك، لاشيء يوقف الرؤية حتى المنطقة المسدودة شمالا بجبال الظهرة المهجورة.
– ما هو سيدي عابد؟ هل هو حفل؟ بل أكثر من ذلك! إنه معرض حقيقي، احتفال شعبي مهيب قي أرض مكشوفة. المواقع التي تُنصب عليها الخيام تباع بأسعار خيالية منذ وقت طويل قبل بداية أشغال البناء. بحيث أن سائق السيارة المعتاد على المرور عليها يندهش ويحق له ذلك. في المكان الذي كان لا يرى فيه قبل أيام قلائل سوى ضريح محاط بحقول حجرية، يرى فجأة من كل جانب الطريق، مدينة حقيقية من الخيام ومن الخشب بمواقف السيارات وألعاب الأطفال ومقاهي ومطاعم وإدارته المحلية وجهاز تحويل الكهرياء دون نسيان الدرك ومحطة القطار.
لأن لسيدي عابد محطته الخاصة، لها عمر قصير، صحيح، لكنها تعيش ما يعيشه سيدي عابد لمدة أسبوع. وكل القطارات والحافلات تتوقف عندها، في وسط الريف أمام الكوخ الخشبي الصغير حيث تباع التذاكر. الإزدحام كبير بحيث أن خدمات السكك الحديدية تصدر تذاكر مخفضة لكل المتوجهين إلى هذا المعرض. وقد ترى قطارات تصل بمسافرين معلقين كالعناقيد أو جالسين على أسطح العربات.
وعلى الرغم من ذلك، لا تكفي القطارات، لذلك يأتي الزوار من الرجال والنساء والأطفال على متن حافلات، سيارات تاكسي، شاحنات كبيرة وصغيرة. وهناك من يأتي ممتطيا حصانا أو حمارا أو دراجة أو راجلا. يأتون من قريب ومن بعيد. يلتقي سكان اولاد زيان بالوهراني والقسنطيني والمغاربي والتونسي. ما زال القدوم متواصلا لتضخيم الكتلة البشرية الموجودة بالفعل. إنه سد حقيقي يغذيه تياران من المياه ومجموعة كبيرة من الجداول الصغيرة.