تصوير: نسيمة طايلب
بدموع الألم من ويلات الإستعمار، وبحماس ثوري سارٍ في العروق، استذكر عمي《محمد بن عياد》 ما قاساه هو والكثير من رفاق السلاح خلال الفترة الاستعمارية، وكيف دامت سبع سنوات دموية، كان يفترض أن تقل لولا الخذلان والتواطؤ الكبير من 《الحركى》وأصحاب المصالح لبقاء الاستعمار، ممن سولت لهم أنفسهم بيع أوطانهم بلا ثمن
لايزال عمي《محمد》يتذكر بحسرة تفاصيل الممارسات اللاإنسانية طوال سنوات القهر والجمر، سنوات واجه خلالها الشعب الجزائري الأعزل مستعمره بقوة الإيمان بالنصر قبل أي قوة أخرى،《هذا ما يجعلني أحس اليوم بما يقاسيه إخواننا في فلسطين، وأدعو الله أن ينصرهم》، هذا ما قاله حين حدثنا عن الإنتهاكات الحاصلة في غزة
يضيف قائلا،《نيل الاستقلال لم يكن أبدا بالأمر الهين، ولم يتحقق بين عشية وضحاها، كان الثمن باهضا، وتطلب منا الانضباط، الصرامة والتضحية، وهذه قيم تعلمناها من الإنخراط في صفوف جيش التحرير الوطني، لقد كان مدرسة، علمتنا أن لا نعود خائبين أبدا، فإما الموت أو النصر》
أما الجزائر فليست بلد الميلون ونصف مليون شهيد، بل هي أكثر من ذلك بكثير، والإحصائيات المتداولة تبقى تقريبية، لأن الكثير من الأسر لم تكن تصرح بمواليدها الجدد، إما للظروف القهرية السائدة أو مخافة تجنيد أبنائهم في صفوف الجيش الاستعماري، ولأن الثمن كان غالي، وكل شبر من هذا الوطن سقي بدماء أبنائه، فلن يسقط يوما رغم كيد الكائدين وتربص الأعداء به في كل وقت وحين
يضيف قائلا،《جهادنا لم يكن من أجل الاستقلال فحسب، بل كان نصرة للإسلام، ورموز العلم الجزائري ومدلولها خير دليل على ارتكاز الثورة ومبادئها على القيم الإسلامية》
كما حدثنا المجاهد 《بن عياد》عن دور الفدائيين والمسبلين في تنظيم العمل العسكري، ووجوب الحديث عنهم والإشادة بهم وحفظ أسمائهم وتضحياتهم خلال الندوات التاريخية حتى لا يضيع تاريخهم وينقل للأجيال القادمة، ومن باب حفظ التاريخ واطلاع النشئ به، جعل عمي《محمد》 من منزله متحفا ثوريا ومزارا للباحثين عن بصيص الحقيقة بين الوثائق والصور التي تشهد على كبر التضحيات وعمق المعاناة
ومن ضمن ما أطلعنا عليه عمي《محمد》 وثيقة الحكم عليه بالاعدام، وهي صادرة عن محكمة الشلف وتنهي حياة المجاهد، لكن روح الإنتصار لم تسمح له بالانهزام يوما، وتحرر من الحكم بالهروب من سجنه بالبليدة. وها هو اليوم يواصل مسيرة الكفاح ويساهم في نقل رسالة الثورة لجيل الاستقلال
يختم حديثه بالقول، الثورة الجزائرية ثورة شعب وثورة قيم، تعلمت الحياة من شهداء شحذوا هممنا وهم في رواق الموت وفي طريقهم نحو المقصلة،《لا يمكنني أن أنحني اليوم وقيم الثورة لا تزال تسري في عروقي، وأتمنى من الله عز وجل أن يتقبل جهادنا خالصا لوجهه الكريم 》
نسيمة طايلب