بقلم : المايسة بوطتيش
نحن المذنبون الأبرياء ليس حكرا على رؤساء الجمعيات الثقافية الذين يتحكمون بيد من حديد في مجريات الثقافية من أمسيات ومنتديات ومهرجانات ومعارض الكتاب… هم وحدهم لهم السلطة المطلقة ومن يقررون من سيحضر ومن ليس له مكانا من المثقفين العزل… فالأسماء معروفة واللعب يتم تحت الطاولة وفي الكواليس
ليس ذنبا أن نكون مدونين كشعراء وأقلام نسويه بارزة في الساحة الوطنية وفي الوطن العربي ناهيك على الضفة الأخرى بامتياز، لكن نحن في أراء زعماء الجمعيات والنوادي والمهرجانات مذنبون لأننا نكتب بلسان فرنسي. فما بالك أن أول أدباء الجزائر كتبوا بلغة « موليار » وأصبحوا مشهورين بأدبهم الذي تميز بتجسيد وإيصال معاناة الشعب الجزائر من جراء الاستعمار الفرنسي. كتبوا بلغة الاستعمار، رسموا بلغته الأم وتفوقوا بتعبيرهم وثقافتهم على أقلام فرنسية محضة. أليست هذه اللغة غنيمة حرب ولغة جهاد ورصاصة في وجه العدو؟ أليست معركة مشرفة لردع المستعمر ومحاربته بلغته؟ أنا أنثى وقلم نسوي من نسل ذاك الشعب الثوري المجاهد والمكافح لرسم صورة ومجد وطنه بلغة « موليار » والسير على خطاهم المظفرة بالمجد والبسالة، ليس ذنبا ولا عارا ولا جريمة
أنا لسان حال بلغتين العربية والفرنسية أتقنهن بجدارة منذ نعومة أظافري، أنا قلم نسوى مكافح، كل نبضة من وتر فؤادي نوتة من نشيد قسما. فالروائية آسيا جبار ومحمد ديب ومولود فرعون الذي كان مدرسا في « دشرته »، الذي تربت على يده أجيال من الأطفال الجزائر تحت ظل المستعمر. وبفضل هذه اللغة أصبح أديبا يشهد له التاريخ والعالم. كلهم جزائريون أب عن جد، دافعو عن الوطن وعن هويتهم بأقلامهم وبرهنوا للمستعمر وبامتياز أنهم يتقنون التعبير بلغة الفرنسية وأنا منهم. أنحن الأدباء المعاصرون مذنبون؟ ألهذا نحن نحضر في الاحتفاليات الثقافية الوطنية التي تجري في الخفاء من مثقفين لا قيّم لهم.
انتظرت سنين طويلة دعوة لحضور المهرجان للأقلام النسوية وبات انتظار وذاك الحلم المنشود سرابا. أ لقلة الاهتمام بالمثقف الذي يمتلك معجما في اللغات، أم هو تجاهل معلنا عنه أمام الملأ؟ أم هو فعل فاعل، أم من صنع أعداء المثقف والثقافة في بلد المليون؟ لم تهتم الجهة المعنية ولم تعري أي اهتمام لم هذا التجاهل المفرط؟ السؤال أو الأسئلة وهي كثيرة تطرح نفسها بنفسها؟ لم كل هذا التهميش ولم ولم ولم… أسئلة معلقة في جيد كل أديب دون أجوبة وقد باتت تؤجج وتكسر كل كاهل ومثقف يعشق بلده ويعريها بنصوصه كل اهتمامه. وعشقه الأزل. كل مثقف يحتاج إلى حضور مثل هذه المهرجانات الجزائرية للتعبير عن ما تجيد به قريحته
يجب على نشاطاتها أن يتسموا بالنزاهة والضمير الحي والالتزام بإعطاء كل ذي فرصة وحقه في الحضور إلى فعاليات كهذه؟ في كل دورة أو احتفال نرى نفس الوجوه، نفس الأشخاص ونفس الأصوات التي اختيرت لشبابها وجمالها أو لهندامها أو لشهرتها، أو لصداقة مبنية على أعرضني نعرضك أو لأنه ابني دشرتي ومدينتي…؟ أصبح عالم الثقافة يتسم بالكيل بمكيالين. وجعي… أليست الفرصة للتعبير متاحة للجميع دون تمييز بين اللغة والعمر والجنس وإن الثقافة في خدمة كل مثقف نزيه، فقد وجت نفسي أخدمها بالنفس والنفيس… وهي لا تعريني أي اهتمام؟ أيعقل هذا، لابد من رد الاعتبار لكل الأقلام المهشمة، تكريمها وتحفيزها وتصفيف من يتجاهل أن الجزائر تسع جميع الأقلام المبدعة وبشتى اللغات؟
ليس الأقلام واللغة التي تفصلنا، بل الشفافية والالتزام بالعهد، فنحن لسنا « ولاد حركة ولا ولاد الرومية » لكوننا نعبر باللغة الفرنسية بل نحن الأصل والذاكرة الموشومة وحب الوطن والطين وشم فينا منذ الأزل…
لابد من رجال مخلصين وحرائر مخلصة لخدمة الثقافة التي هي بتصرفات بعض مسيريها أصبحت في الحضيض، وقد حاكت لها جبة الرداءة والمحسوبية
ما جعلني اكتب هذا المقال هو تضمري أنني لم تصلني دعوة إلى المهرجان كقلم نسوي وبجدارة في لغة الضاد ومليار
نحن المذنبون الأبرياء من تصرفات رؤساء الجمعيات والاتحاديات الذين يزعمون أنهم مكرسون لخدمة الثقافة والمثقفون
ألأن ثقافتنا مزدوجة اللسان نهمش علنا ونرى بصمت في كل احتفالية نفس الوجوه؟ أثقافتنا في يد جلاد لا يشعر بما يمر به أي مثقف من جراء الصمت المبرح والا مبالاة
أديبة من وراء الضباب