أثارت العلاقات التركية السورية الجدل في الساحة الإعلاميةو السياسية خصوصا بعد المكالمة الهاتفية التي جرت بين وزيريْ الخارجية التركية والسورية التي خلقت غموضٌ يصعب تفكيكُه أو فهم مضامينه،أيا كانت زاوية النظر إليه
أستاذ العلوم السياسية و العلاقات الدولية بجامعة « الجزائر 3 » الدكتور رشيد علوش في لقاء مع صحيفة « الشليف » أجاب على أهم الإشكالات المطروحة في هذة القضية
الشليف : كيف تفسر الطفرة الديبلوماسية التي مست العلاقات التركية السورية ؟ وماهي دوافع هذا التقارب؟
الدكتور رشيد علوش : أيقنت الحكومة التركية أن الحسم العسكري لم يعد مطروح في سوريا بالنسبة إلى الأطراف الفاعلة الداخلية و التي تصنف في خانة المعارضة إضافة إلى أطراف فاعلة أخرى مرتبطة للأسف بوكالات خارجية، فهذا التقارب يصب أكثر في مصلحة الحكومة التركية فيما يتعلق بالملفات المطروحة بين الدولتين كذلك الشروط التي تم ترشيحها من جانب الطرفين
النقطة الثانية متعلقة أساساً بتطبيع العلاقات الذي تحقق حديثا بين تركيا والدول العربية (مصر، الإمارات العربية، السعودية) إضافة إلى الكيان الصهيوني، تمت بداية بفتح خطوط الإتصال الاستخباراتي، وهذا متفق عليه في الأعراف الديبلوماسية أما سوريا فلم تتخطى هذه المرحلة الأولى بعد، أضاف الأستاذ في إجابته عن ذات السؤال » إن التقارب كان يبدأ دائما على مستوى قنوات الاستخبارت التركية وهذا الحال مع سوريا التي لا تزال في المرحلة الأولى من التواصل الديبلوماسي،باختصار تركيا تتبع نظرية صفر مشاكل مع الجوار و قد أثبت هذا الانفراج الديبلوماسية صحة النظرية »
-ما رأيكم سيدي في الطرح الذي يقول أن المكالمة بين مولود جاويش أوغلو و فيصل مقداد هي نقطة بداية للانفراج الديبلوماسي بين الدولتين؟
هذا التواصل الديبلوماسي ليس وليد الاتصال الهاتفي بين جاويش أوغلو و المقداد، كان الاجتماع الرسمي في قمة حركة عدم الانحياز ببلغراد في أكتوبر من العام الماضي أول إتصال رسمي أين بدأ الحديث عن رغبة تركية في تطبيع العلاقات مع النظام السوري علما أنها ليست وليدة مصلحة تركية بل هي من مدفوعة بالتحولات التي تجري على المستوى النظام الدولي خاصة في سياقات الأزمة الأكرانية ، أيضا و تحول الأنظار عن ما يجري في المنطقة العربية و ذلك في إطار إعادة ترتيبات التي يتم صياغتها، بالتالي تركيا تبحث عن تصفير مشاكلها مع دول الجوار للبحث التموضع والمتوقع في هذه الترتيبات التي يجري إعادة صياغتها
في ذات السياق، ماهي العقبات التي تحيل في طريق نجاح هذه المبادرة السياسية ؟
ما يواجه هذا التواصل الدبلوماسي ليس إلا تحديات تعمل في ظل أطراف معينة ، الرغبة الروسية تدفع إلى إعادة تعويم سوريا في بيئتها الإقليمية وإعادة تطبيع العلاقات السورية مع مختلف الدول العربية خاصة في خضم المؤشرات التي بدأت في سياقات التطبيع روسيا تريد الاستثمار في هذا التقارب الحاصل للدفع بتركيا إلى تطبيع علاقاتها من اجل انهاء هذا الملف الذي يعتبر كأولوية لروسيا في منطقة الشرق الأوسط خاصة و انشغالها بالأزمة في أكرانيا
ننتقل إلى الشق الإقليمي، على المستوى التركي-السوري الشروط المطروحة وهذه شروط الجانب التركي
الشرط التركي الأول هو أن يتم الدخول في مصالحة وطنية و استيعاب المعارضة السورية في اطار ذلك و ان يتم إعادة اللاجئين السوريين المقدر عددهم حوالي أربعة مليون والذين يعدون ورقة رابحة في يد المعارضة التركية فالهدف الأول من هذا الشرط سحب هذه الورقة من يد المعارضة
كذا والتذييق على حزب العمال الكردستاني المصنف كحركة إرهابية لدى تركيا و في الكفة الأخرى يحضى بالدعم من طرف الولايات المتحدة الأمريكية و جهات أخرى، التي تعتبرعقبة في طريق نجاح هذا التقارب و هذا خدمة لمصالحها بتعطيل التقدم مصالح روسيا و تركيا على حد سواء
في الكفة المقابلة طرحت سوريا شرطها الأول و الأساسي بسحب القوات التركية من الشمال السوري وأن تعيد بسط سيطرتها على المعابر الحدودية و أيضا على طرق التجارة الدولية و التي تعتبر شريان حياة بالنسبة للنظام الاقتصادي السوري
في الشرط الثاني أكدت الحكومة السورية على أنه في حال ما إذا أرادت تركيا إنجاح هذا التقارب عليها أن تحل النقاط مرحلة بمرحلة وليس في سياق تطبيق كامل لاستيعاب المعارضة السورية و التمهيد لبناء المصالحة الوطنية السورية
استدلالا بخبرتكم دكتور و المعطيات الحالية التي تصف العلاقات بين تركيا و دول المشرق، و خصوصا بعد التطبيع مع مصر و الكيان الصهيوني ، الى أي مدى قد يؤثر هذا الأخير على المستقبل الجيوسياسي لدول المشرق العربي؟
مع التغيرات التي حصلت بداية سنة ألفين وأحداعشر حفزت صانع القرارالتركي على الانخراط في مجمل الأزمات على مستوى محيط بيئته الإقليمية المباشرة أو على المستوى الثاني على بيئته، ونتحدث هنا على ليبيا وصولا إلى إفريقيا و أيضا على مستوى البيئة العربية لأنها عملت على مقايضة حضورها في الأزمات بملفات أخرى و تطبيع علاقاتها مع الدول العربية لأنها تواجه العديد من المشاكل الاقتصادية التركية مع إلزامية معالجة هذه الملفات بإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري وفقا لشروط الطرف التركي، فتح الأسواق التركية الاستثمارية في السوق العربية يتم النظر إليه في سياقات التحولات الجيوسياسية على المستوى الإقليمي و الدولي
القضية السورية و اجتماع جامعة الدول العربية
لماذا رفضت سوريا المشاركة في القمة العربية في الجزائر؟
سوريا دولة مؤسسة لجامعة الدول العربية وإن تجميد عضويتها سابقًا لم يحترم المادة الثامنة من ميثاق جامعة الدول العربية،لهذا نسحب كلمة « رفضت » ونقول أنها تحفظت جبراً للضرر و رفعاً للحرج بداية عن الدول التي لازلت ترفض المشاركة السورية في القمة العربية بالجزائر، ذلك تجنبا للانشقاق الذي قد يضعف أجندة القمة التي ترتكز أساسا على لم الشمل، بالتالي سوريا فتحت المجال لهذه الدول لتعالج مشاكلها البينية و الملفات المطروحة على مستوى المنطقة العربية
في الجانب الآخر، إن تحفظ الذي أعلنت عنه الحكومة السورية في القمة هذا لا يعني أنها أن تكون مطلعة على أجندة الاجتماع لأنه التزام من الطرف الجزائري باطلاعهم على حيثيات الاجتماعات والبيان الختامي للقمة العربية، ولما لا إعادة طرح القضية في السياقات الرئاسة الدورية من طرف الجزائر للقمة لأن الوضع لا يحتمل ان تبقى الدول العربية مشتتة وغير متفقة على الأقل في الحدود الدنية لملفات التي تهم الأمن القومي العربي
وختم الأستاذ هذه المقابلة بقوله « النقطة المتفق عليها قبل أيام على انعقاد القمة العربية في الجزائر في الفاتح و الثاني من شهر نوفمبر ستكون قمة استثنائية ستعي طرح الملفات المركزية الأساسية التي تهم المنطقة ا و التي تتم في إطارها السياسيات العربية-العربية المشتركة خدمة لمصلحة هذه الدول ولحفظ العمل العربي أيضا عدم العودة للمآزق التي انتشرت في المنطقة العربية التي باتت الخاسر الأكبر للأسف الشديد »
نصيرة سايب