L'Algérie de plus près

عنصـــريــة العــالـم الغــربـي

* بقلم الدكتور احمد نور الدين كنيوة

لا أريد من وراء هذا المنشور اتخاذ موقف من القضية الأوكرانية، ولا إبداء رأي حول الصراع بين روسيا وباقي دول العالم الغربي، ولا تحليل طبيعة النزاع بخلفياته وتداعياته رغم اطلاعي الواسع – بحكم اختصاصي وانشغالي اليومي- على إطاره العام و خبايا مختلف المراحل التي مر بها من عهد « غورباتشوف » مرورا بـفترة « يلتسين » وصولا إلى مرحلة حكم » بوتين » وتفاقم الوضع الذي توج باندلاع الحرب

السبب في ذالك ،أولا أن هذا الفضاء غير مناسب لمناقشة وتحليل موضوع جيوسياسي شائك، حساس ومعقد. ثانيا قناعتي الراسخة، أن الموضوع لا يدخل ضمن أولوياتي كمواطن جزائري أولا وكمواطن عربي ثانيا. كل ما يهمني وبمنطق مواطن العالم الغربي البراغماتي، هو تبني سياسة فرق تسد ورفع الدعوة الشهيرة : اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين والعمل بالمثل القائل : أترك الفخار يكسر بعضه. كل ما أتطلع إليه شخصيا هو ترقب التهاب أسعار النفط علها تساعدنا على تجاوز الضائقة المالية وبالتالي الإفلات من مشنقة المديونية الخارجية وابتزاز نادي باريس ولندن وقيود صندوق النقد الدولي

كما أنني لن أتناول الموضوع كأستاذ للعلاقات الدولية ولكن كمواطن عربي تابع العديد من النكبات التي حلت بهذا الفضاء الاستراتجي وتألم للعديد من المآسي ألمت بشعوبه المضطهدة من أقصى شرقه إلى غربه مرورا بطبيعة الحال بشامه ولم يجد من يقف إلى جانبه ويتضامن معه ولا من يجفف دموع مئات الآلاف من أرامله وأيتامه وفي بعض الحالات حتى من يدفن أمواته ناهيك عن المعاملة السيئة للاجئيه

قلت في البداية أن الهدف من وراء المنشور، ليس التحليل ولا اتخاذ موقفا مع طرف من أطراف الصراع ، وإنما بالإفادات التالية

حقـد الغــرب (الديمقراطي)

لقد أثبتت عملية غزو أفغانستان واحتلال العراق وتفكيك ليبيا وتدمير سوريا وإشعال الحرب الأهلية في اليمن وتسليح المتآمرين عليه مدى حقد الأوصياء على الحضارة وحرية العقيدة وحقوق الإنسان على الإسلام والمسلمين. لقد أثبتت الأيام والسنين أن كل ما تم كان تطبيقا لرسائل « فوكوياما » وتوجيهات « بول كينيدي » ونصائح « هانتيغتون ». بالتالي وبالمختصر المفيد، كانت حربا صليبية بامتياز والتضامن الغربي المطلق مع أوكرانيا هو أحسن مخبر لتمحيص هذا الحكم الذي صدر مني

عنصـريـة الغـرب وإعـلامـه

لقد كشفت لنا الحرب في أوكرانيا والهبة التضامنية التي ابداها الغرب مع هذه الدولة رغم أنها تدار من قبل « نازيين جدد » مدى عنصرية ساسة ونخب وإعلام هذا الغرب « الحر المتحضر » بنفس درجة زيف شعاراتهم الإنسانية وقيمهم الأخلاقية المزعومة

يندد بالغزو الروسي في أوكرانيا باسم السيادة والوحدة الترابية ونسي أنه وحلفه العدواني المناقض وجوده مع الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قد غزا أفغانستان واحتل العراق وطمس حضارته ودمر ليبيا وفكك سوريا وتآمر على اليمن بحجج كاذبة وأسباب واهية. لقد تدرع هذا الغرب في اعتدائه على سيادة الدول وإبادة جزء من شعوبها وتهجير الجزء الأخر باسم السلم والأمن العالميين ومحاربة الإرهاب في الوقت الذي أثبتت الأيام أنها لم تكن حروبا ضد الإرهاب ومن أجل الأمن والسلم وإنما مجرد شعارات جوفاء وان ما قام به في الدول السالفة الذكر لم يكن سوى حروبا ضد الإنسانية بامتياز

نفس هذا الغرب، علم المساواة والحرية والديمقراطية وحق بل و واجب التدخل، رأيناه كيف يميز بين اللاجئين من نفس البلد. كلنا لاحظ تفضيل الأوربي – مع منحه أولوية المرور، والتكفل التام في الفنادق مع حق الإقامة ثلاث سنوات- على غيره من السكان بالتحديد العرب المسلمين، الذين احتجزوا كرهائن في المطارات ومحطات القطارات لاسباب لا ييمكن ان تكون الا عنصرية أو لاحتمال استعمالهم عند الضرورة كذروع بشرية. هذا دون العودة إلى ما فعلته الأجهزة الامنية الأوروبية باللاجئين العراقيين والسوريين الفارين من نيران الحروب التى اشعلها زعماؤهم وعمليات التدمير الممنهج التي هندستها أجهزة مخابراتهم

الإعـلام والعـرق النقــي

من منا لم يلاحظ وهو يتابع على الشاشات تطورات الأحداث في أوكرانيا، وقوع الإعلام الغربي والبعض من العربي خلال تغطيته لظاهرة نزوح سكان هذا البلد في سقطات أخلاقية غير مهنية تنم عن عنصرية فجة تذكرنا بحملات التبشير ومعها ما كان يسمى بعبء الرجل الأبيض

لقد كنا كلنا شهودا وشرفاء العالم العربي والإسلامي معنا، على تباكي المراسلون الغربيون و على مختلف القنوات الفضائية – طبعا كل على طريقته -على العيون الزرقاء والشعر الأصفر نخص بالذكر السقطات النازية لبعض القنوات العريقة التي تدعي احتكار المهنية الإعلامية

– تشارلي داغاتا من « سي.بي.أس » الامريكية : في إشارة لأوكرانية علفت تقول : هذا المكان ليس العراق ولا أفغانستان، هذا مكان أوروبي متحضر لا نتمنى أن يحدث فيه ذالك

كيلي كوبيلا من « أم أس أن بي سي » : هؤلاء ليسو لاجئين من سوريا، هؤلاء من لاجئين من أوكرانيا المجاورة، هؤلاء مسيحيون، إنهم بيض

بي بي سي البريطانية : ما يحدث هنا يثير فعلا مشاعرنا. إني أشاهد أشخاصا أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أصفر.

بيتر دوبي من قناة بي اف ام : هؤلاء هم أوروبيون مثلنا، إنهم يفرون في سيارات فاهرة.

حتى مقدم برنامج على قناة الجزيرة الذي يتلقى راتبه بمنطقهم وعنصريتهم من العبيد قال في سؤال لأحد المحللين : هؤلاء ليسو لاجئين من مناطق الشرق الأوسط. هؤلاء ليسوا يحاولون الابتعاد عن مناطق شمال إفريقيا. إنهم مزدهرون مثل أي عائلة أوروبية

تـزلـف الساسـة العـرب : إهـانة لقضايا شعــوبهـم

رغم كل هذه المواقف والأحكام العنصرية التي لا تختلف في شيء عن الممارسات النازية، سارع الكثير من الساسة العرب غالبيتهم من الابراهيمية -دينهم الجديد -الى التعبير عن تضامنه مع الزعيم الصهيوني المسيرمن قبل مجموعة نازية معلومة، سبق له وأن تلذذ لما حدث لشيوخ ونساء وأطفال غزة. للأسف نجد على راس هؤلاء مرتزق الجامعة العربية الذي سارع الى عقد اجتماع الاصطبل المتصهين في القاهرة، لدراسة الوضع في أوكرانيا في الوقت الذي عمت عيناه وصمت أدنيه عما يحدث في اليمن وما تتعرض له سوريا وما يحاك ضد منطقة المغرب العربي. بربنا المعبود، كيف نسمي هذه الخرجات؟ هل هي تملق وانبطاح ام هي المازوشية في أرقى معانيها؟

شخصيا وبكل صدق وعن قناعة تامة، متعاطف مع روسيا ومساند للرئيس « بوتين » بصرف النظر عن حيثيات الصراع وجزئياته، لأني ببساطة ضد التغول الغربي والبلطجة الأمريكية وازدواجية معاييرهم في التعاطي مع مختلف القضايا

أستاذ للعلاقات الدولية