بقلم : خليل بن عزة
يسألونك عن القرارات الأخيرة للرئيس الروسي « فلاديمير بوتين »، قل هي سعي من الكرملين لتفادي تكرار « بروسترويكا » غورباتشوف عقب « زاستوي » الدب الروسي الكبير في ثمانينات القرن الماضي، و « غلاسنوست » الإتحاد السوفياتي قبل سقوطه، والعمل على تقوية روسيا داخليا بالإقتصاد الكلي الروسي، و خارجيا بالقوة العسكرية والسيطرة على مناطق النفوذ، من أجل حماية أمن روسيا من قوى الغرب، وذلك بالسياسة التي يسميها شخصيا بـ « هندسة أمن أوروبا » .
إن نظرة بوتين إلى إعادة البناء مختلفة عن سابقيه، وذلك بسياسة تعتمد على الإقتصاد الكلي الروسي المتحفظ، الذي يتحكم في التّضخم ويضعه تحت السيطرة، مع احتياطات كبيرة وموازنة متوازنة و صِفر ديون خارجية.. كذلك تختلف نظرة القيصر الرٌوسي إلى مشروع الإنفتاح المدني و التزام الشفافية ، فهو يبدو رافضا لقرارات من قبيل تخفيف الرقابة على وسائل الإعلام الروسية، مؤكدا بأن سيطرة الحكومة على الإعلام من جوهر الأمن القومي الروسي، كذلك يواصل تحفظه بخصوص الإنفتاح السّياسي والديمقراطية والتداول على السلطة، ثم أن الغلاسنوست ساهم في إيقاظ العديد من النعرات العرقية التي تسببت في توترات بجميع أنحاء الاتحاد السوفييتي سابقا، نذكر على سبيل المثال ما حدث في اقليم « ناغورني كاراباخ » من الأقلية الأرمينية في آذربيجان الإشتراكية السوفياتية، و بعد تفكك الاتحاد السوفياتي حدث نفس الأمر في الشيشان، وشبه جزيرة القرم و بيلاروسيا وإقليم دومباس المتاخم لأوكرانيا.. و غير ذلك .
يبدو أن بوتين ليس سياسيا فحسب ولا رجل استخبارات فقط، هو كذلك استراتيجي وقارئ جيد للتّاريخ، لهذا يسعى جاهدا لتفادي أخطاء الماضي، و هو الذي وصف انهيار الإتحاد السٌّوفياتي عام 1991، على أنه أخطر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين .
خ . ب
أستاذ جامعي كاتب صحفي، ناقد و محلل إعلامي *
*إعادة البناء Perestroika
*الشفافية Glasnost