L'Algérie de plus près

قوارب الموت: قصة هجرة شباب بوقادير نحو السواحل الأوروبية  

تواجه الجزائر عددا من المشاكل الاجتماعية، لعل أبرزها ظاهرة الهجرة غير الشرعية، حيث تشهد ولاية الشلف ارتفاعا مهولا في عدد المهاجرين غير الشرعيين نحو المدن الأوروبية من خلال قوارب الموت والتي تدعمها شبكات خاصة تجني أموالا طائلة من الساعين للهجرة  

فمن داخل أحد الأحياء بمدينة بوقادير، يجتمع الشباب ليلاً في مقهى صغير، يتبادلون الأحاديث حول إمكانية الهجرة. عبد القادر، شاب في العشرينات من عمره، يعمل في ورشة صغيرة بأجر زهيد، يقول: « الحياة هنا أصبحت لا تطاق، لا أمل ولا مستقبل. أريد أن أجرب حظي في أوروبا، ربما أستطيع تحقيق شيء هناك ».

يتحدث وائل، شاب آخر، عن تجربته السابقة حيث حاول الهجرة مرتين وفشل. في المرة الأولى، عاد من منتصف الطريق بسبب عطل في القارب. وفي المرة الثانية، اعترضتهم البحرية الجزائرية. يقول وائل انه رأى الموت بعينيه، ليؤكد انه سيحاول « مجددًا ». الحياة هنا أصبحت لا تطاق » يضيف وائل »

رحلات محفوفة بالمخاطر، تنطلق عادة في الليل لتفادي الدوريات خفرالسواحل، يتجمع عشرات الشباب في صمت متوتر، ينتظرون بفارغ الصبر لحظة الانطلاق على متن قوارب صغيرة، تعرف محلياً بـ »قوارب الموت »، بهدف الوصول إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، اي أوروبا

يروي أحمد، أحد الناجين من رحلة موت، قصته قائلاً: « كنت أعتقد أنني لن أنجو. كانت الأمواج عالية والقارب صغير. قضينا أيامًا بدون طعام أو ماء. لكن البطالة هنا تأكل منا، لا أرى أي مستقبل لي ». « كنت أعلم أن الرحلة خطيرة، لكن لم يكن لدي خيار آخر » يضيف احمد

تتعدد أسباب الهجرة غير الشرعية من الجزائر، وتشمل الوضع الاقتصادي والظروف الاجتماعية والتطلعات الشخصية. يعاني الكثير من الشباب من البطالة ونقص فرص العمل، مما يدفعهم للبحث عن فرص أفضل في أوروبا. الأزمات الاجتماعية، مثل الفقر ونقص الخدمات الأساسية، تؤدي هي الاخرى إلى تفاقم الرغبة في الهجرة، واخيرا يتطلع الكثير من الشباب لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم في بيئة تتيح لهم ذلك، وهو ما يعتقدون أنهم يمكن أن يجدوه في أوروبا

تتعامل الحكومة الجزائرية مع هذه الظاهرة من خلال تعزيز الرقابة على السواحل وتشديد العقوبات على عصابات المهربين، كما انها اطلقت حملات توعية للشباب حول مخاطر الهجرة غير الشرعية. « نعمل جاهدين للحد من هذه الظاهرة، لكن الأمر يتطلب تعاوناً دولياً ومزيدًا من الجهود لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد » يقول في هذا السياق مسؤول في وزارة الداخلية

الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت تبقى جرحًا مفتوحًا في المجتمع الجزائري. الأمل في حياة أفضل يدفع بالكثيرين إلى المخاطرة بحياتهم، نظرا للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها. يبقى الأمل معلقًا على تحسين الأوضاع في البلاد وتوفير فرص حقيقية للشباب، ليبقى الوطن هو الحلم والأمل، فهل سيأتي اليوم الذي يتمكنون فيه من العيش بسلام وأمان دون الحاجة للمغامرة في البحر؟

بسملة جلطي زيان

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *